كونغرس البيرو يصادق على قانون عفو مثير للجدل يشمل جرائم النزاع الأهلي
كونغرس البيرو يصادق على قانون عفو مثير للجدل يشمل جرائم النزاع الأهلي
صادق الكونغرس في البيرو على قانون يمنح عفوًا عامًا لأفراد القوات المسلحة والشرطة وأعضاء لجان الدفاع عن النفس المدنية في البيرو، عن الجرائم التي ارتكبوها خلال النزاع المسلح الذي شهدته البلاد بين عامي 1980 و2000.
ويشمل العفو أولئك الذين خضعوا لمحاكمات أو صدرت بحقهم إدانات، ما يفتح الباب أمام إنهاء مئات الملفات القضائية المرتبطة بواحدة من أكثر فترات البلاد دموية، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الخميس.
رفض حقوقي وتحذيرات
أدانت منظمة العفو الدولية هذا القانون قبل التصويت عليه، وعدّته "تعديًا صارخًا على حقوق الضحايا في العدالة"، مؤكدة أنه "يهدد بإنهاء التحقيقات المتعلقة بالإعدامات خارج نطاق القضاء، والاختفاء القسري، والتعذيب، والعنف الجنسي".
ورأت المنظمة أن القانون "يمثل سابقة خطِرة في ترسيخ سياسة الإفلات من العقاب"، ولا سيما أنه يعفو عن الانتهاكات التي وُصفت في تقارير سابقة بجرائم ضد الإنسانية.
وسبق أن أقرت السلطات في البيرو العام الماضي قانونًا يجيز سقوط الجرائم ضد الإنسانية بالتقادم إذا ارتُكبت قبل عام 2002، وهو ما استفاد منه الرئيس الأسبق ألبرتو فوجيموري، الذي حُكم عليه بالسجن 25 عامًا، قبل أن يُفرج عنه لأسباب إنسانية في ديسمبر 2023 بعد قضائه 16 عامًا خلف القضبان.
واستفاد من القانون نفسه عشرات الضباط والمتهمين من عناصر الجيش والشرطة، تورطوا في انتهاكات واسعة خلال الاقتتال الأهلي الذي اندلع مع تصاعد هجمات "حركة الدرب المضيء" ذات التوجهات الماوية المتطرفة، والذي خلّف، بحسب لجنة الحقيقة والمصالحة، نحو 69 ألف قتيل و21 ألف مفقود.
انقسام داخلي وتحديات
أثار القانون الجديد انقسامًا سياسيًا حادًا داخل البيرو، إذ ترى جهات يمينية أن العفو يمثل "تكريمًا للذين دافعوا عن الدولة"، في حين ترى منظمات المجتمع المدني أن "الدولة تكرّس النسيان بدلًا من المحاسبة".
ولا يزال القانون بحاجة إلى توقيع الرئيسة دينا بولوارتي حتى يدخل حيز التنفيذ، وسط دعوات دولية متزايدة لرفضه، والتأكيد على أن المصالحة لا تتم على حساب العدالة.
ورغم مرور أكثر من عقدين على انتهاء الاقتتال الأهلي، لا تزال تداعياته السياسية والاجتماعية حاضرة بقوة في البلاد، حيث لم تُغلق بعد ملفات آلاف المفقودين، ولم يزل كثير من العائلات ينتظر معرفة مصير ذويهم، وسط بنية قضائية هشّة، ونقاش مستمر حول مصالحة لم تتحقق بالكامل.